رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
اغتيال عند جسر اللاتين


المشاهدات 1304
تاريخ الإضافة 2025/07/07 - 9:34 PM
آخر تحديث 2025/07/11 - 1:33 AM

دخل جسر اللاتين - وهو من أقدم الجسور المقامة على نهر ميلجاكا، الذي يشطر سراييفو إلى ضفتين – التاريخَ، منذ تلك اللحظة الدراماتيكية التي أُغتيل فيها ولي عهد الإمبراطورية النمساوية المجرية، الأرشيدوق فرانز فرديناند، وزوجته صوفي، خلال زيارتهما للمدينة، صباح يوم الثامن والعشرين من يونيو / حزيران عام 1914. وكانت هذه الحادثة الشرارة التي أدّت إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى بعد شهرٍ واحدٍ بالضبط، في 28 يوليو / تموز من العام نفسه. 
حرصتُ منذ صباح اليوم الأول الذي بدأ فجره بأخبار الحرب الإيرانية – الإسرائيلية، على زيارة موقع الحادثة، وكنت أتصور أنها وقعت في بداية صعود السيارة إلى الجسر، لكن الواقع أن ولي العهد، الذي كان يبلغ حينها خمسين عاماً، قد تعرّض للاغتيال وهو يحييّ المواطنين المصطفين على جانبي الشارع، قبل أن تصل سيارته إلى جسر اللاتين ببضعة أمتار. فقد كمن له الشاب القومي الصربي غافريلو برينسيب، عضو المنظمة السرية « اليد السوداء»، عند منعطف الشارع المؤدي إلى الجسر، وهو يحمل مسدساً بلجيكيّ الصنع من عيار 9 ملم. وعندما اقتربت السيارة ببطء من مكان وقوفه، استغلّ فرصة توقفها للحظات، فتقدّم منها على مسافة قصيرة جداً، وأطلق رصاصتين فقط، أصابت الأولى الأرشيدوق في رقبته وادَّت إلى نزيف حاد، فيما أصابت الثانية زوجته في بطنها، وهي جالسة إلى جواره في السيارة المكشوفة، مما أدى إلى وفاتهما خلال دقائق، متأثرين بجراحهما. ولم تكن صوفي هدفاً للقاتل، الذي لم يكن قد أكمل عامه العشرين بعد، غير أن إحدى الرصاصتين أصابتها عشوائياً. وبسبب قصر المسافة الفاصلة بينه وبينهما، جاءت الإصابتان بالغتي الدقة والتأثير. لقد استغرقت الحادثة، بالطبع، ثواني معدودة، لكنها غيّرت وجه التاريخ .
عند مكان الاغتيال، وعلى حائط المبنى الذي تحوّل إلى متحف يضم متعلقات الحادثة من صور ووثائق، نقشت على الجدار كلمات بثلاث لغات، الإنكليزية، والبوسنية، و الصربية – الكرواتية، تقول : « من هذا المكان، في 28 يونيو 1914، قام غافريلو برينسيب باغتيال وريث عرش الإمبراطورية النمساوية – المجرية، فرانز فرديناند، وزوجته صوفي». وعلى الأرض، نُقشت آثار قدمي القاتل على مربع من الإسمنت، بحيث يستطيع السياح الوقوف على موضع القدمين لمعرفة مدى قُرب المسافة بينه وبين السيارة التي كان يستقلّها الأرشيدوق وزوجته. وعلى الرصيف، عند باب المتحف الخارجي، وُضعت نسخة طبق الأصل من السيارة التي وقعت فيها الحادثة، فيما تُعرض السيارة الأصلية ذات اللون الأخضر الداكن، التي كان يستقلها ولي العهد وزوجته، في المتحف العسكري بالعاصمة النمساوية فيينا، كواحدة من أبرز مقتنيات المعرض الدائم المخصص للحرب العالمية الأولى، ولا تزال تحتفظ بآثار الرصاص في هيكلها.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير