رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
مقاطع ثورة الحسين تهيمن على ترند يوتيوب والمشهد الرقمي العراقي


المشاهدات 1390
تاريخ الإضافة 2025/07/07 - 9:37 PM
آخر تحديث 2025/07/10 - 11:23 PM

منذ بداية شهر محرم لهذا العام، سجّلت المنصات الرقمية، وخاصة “يوتيوب”، ظاهرة لافتة في المشهد الإعلامي الرقمي العراقي، تمثّلت في سيطرة كاملة ومطلقة للمقاطع والأناشيد المرتبطة بالثورة الحسينية على قائمة الترند في قسم الموسيقى في هذه المنصة .
هذه الظاهرة اللافتة تعكس طبيعة تفاعل الجيل الرقمي مع مواقع التواصل من جهة، وكيفية تعاطيه مع رموز هويته الدينية من جهة أخرى، وتشي بتحوّل نوعي في أهمية الدور المحوري للمحتوى المرئي في صياغة وإنتاج وعي رسالي ديني وتاريخي واجتماعي للأجيال الجديدة.
أدناه أستعرض خريطة ملامح هذه الهيمنة ودلالاتها في هذا السياق:
حالياً ... 30 مقطعاً من أصل 30 في ترند الموسيقى على “يوتيوب” كانت لقصائد حسينية، ما يشير إلى حضور رقمي طاغٍ لهذه المناسبة الدينية. لا تُعد هذه المقاطع مجرد محتوى ترفيهي، بل تُعد وسيلةً لنقل القيم، الرمزية، البطولات، والتاريخ، ومعاني التضحية بأسلوب رقمي عصري يجمع الأصالة بأدوات العصر الحديث. تقضي الاجيال الرقمية “ جيل Z وجيل Alpha “  ساعات طويلة يومياً على المنصات المختصة بالفيديو، سواءً القصيرة منها (ريلز، شورتس وغيرها)، أو الطويلة. الفيديو، في العصر الرقمي، عنصر مثالي لإيصال الرسائل على نحو عاطفي، مؤثر، جذّاب، وآسر، حيث يخاطب الذائقة الشبابية الحديثة بلغة صوتية وبصرية تضج بالعاطفة.
  المحتوى البصري الذي يُقدَّم عبر المنصات، والذي يعتمد عليه الشباب، يشكّل مصدراً ومنبعاً رئيسياً للمعرفة والتكوين الثقافي والاجتماعي لهم. خوارزميات الذكاء الاصناعي للمنصات، مثل يوتيوب، باتت تُروّج تلقائياً للمحتوى الحسيني نتيجةً لمعدلات التفاعل والمشاركة العالية، التي بلغت ملايين المشاهدات.
تمثّل هذه الظاهرة فرصة حقيقية لإحياء القضية الحسينية وإعادة ضخّها وإيصالها للأجيال بأساليب معاصرة، ومن خلال الأدوات التقنية الحديثة ومنصاتها. المحتوى الحسيني، بالطريقة التي يُقدَّم بها اليوم، قادر على التغلغل في وعي الجمهور عبر الإيقاع الصوتي المؤثر، الكلمات العاطفية، والمشاهد البصرية الاخّاذة .
هذه المقاطع لا تحمل رسائل دينية فقط، بل تتضمن أيضاً رسائل سياسية، اجتماعية، إنسانية، عابرة للخرائط الجغرافية والحدود الزمنية. المنصات الرقمية اصبحت فضاءً للتعبير عن الهوية، ومساحةً لتعزيز الانتماء، وأداة فاعلة لسرد واقعة الطف وتصوير الثورة الحسينية برؤية رقمية شبابية، عاطفية، ومعرفية تتغلغل إلى القلب والمشاعر من دون استئذان.
والخلاصة :
إن الهيمنة الواضحة لهذه المقاطع على ترند “يوتيوب العراق” تمثل نجاحاً بارزاً في توظيف المحتوى المرئي بطريقة تُمكّنه من اجتياح المنصة والسيطرة عليها، ما يفتح آفاقاً واسعة لإعادة بث الرسائل الدينية والاجتماعية بأسلوب يتماشى مع ذائقة العصر الرقمي وروحية جيل اليوم، وهو ما سيخلق وعياً جديداً بالقضية الحسينية والانتماء لها، ويُعيد رسم خريطة التأثير الثقافي ومفاعيله في الوقت الحالي.


تابعنا على
تصميم وتطوير